فصل: في الرجل يوصى بعتق عبد من عبيده فيموتون كلهم أو بعضهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


ما جاء في اختلاف الورثة في قسمة الدور إذا أرادوا أن يجعلوا سهامهم في كل دار

قلت‏:‏ أرأيت دورا بين قوم شتى أرادوا أن يقتسموا فقال رجل منهم اجعلوا نصيبي في دار واحدة وقال بقيتهم بل يجعل نصيبك في كل دار‏؟‏

قال‏:‏ سألت مالكا عن الشركاء يريدون قسم دورهم فقال أن كانت الدور في موضع واحد رأيت أن يجعل نصيب كل واحد في دار بجمع نصيبه في دار واحدة في موضع واحد ولا تفرق أنصباؤهم في كل دار وان كانت مواضعها مختلفة مما يتشاح الناس فيها للعمران أو لغير العمران رأيت أن تقسم كل دار على حدتها‏؟‏

قال‏:‏ وأخبرني بعض أهل المدينة قال وأراه من قول مالك أن الرجل إذا مات وترك دورا وكان ورثته في دار من دوره كانوا يسكنونها ودوره التي ترك كلها سواء في مواضعها وفي تشاح الناس فيها فتشاح الورثة في الدار التي كانوا يسكنونها أنه تقسم بينهم هذه الدار ويجعل لكل واحد منهم فيها نصيب إذا كانت الدار التي ترك الميت في غير هذا الموضع الذي الدار فيه التي يسكنونها ثم يقسم ما بقى من الدور فيجعل نصيب كل واحد منهم في دار تجمع نصيبه في موضع واحد إذا كانت الدور في نفاقها عند الناس وتشاح الناس على مواضعها سواء وكان بعضها قريبا من بعض وذلك كله رأيي‏.‏

قلت‏:‏ فان تباعد ماه بين الدارين تكون الدار في موضع من المدينة والدار الأخرى في الناحية الأخرى من المدينة الا أن مواضعها ورغبة الناس فيها في تلك المواضع وتشاح الناس فيها في الموضعين سواء‏؟‏

قال‏:‏ فهاتان يجمع نصيب كل إنسان منهم في موضع واحد من احدى الدارين ولا يقسم نصيبه في هذه وهذه لأن الدارين سواء في المواضع والنفاق عند الناس ولا يلتفت إلى افتراق الدارين في ذلك المصر إذا كانتا بحال ما وصفت لك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ترك الميت دورا بعضها هي سواء في مواضعها ونفاقها عند الناس بحال ما وصفت لك وبعضها ليست سواء أتجمع هذه الدور التي مواضعها عند الناس في النفاق سواء فيقسم كل انسان حصته منها في موضع واحد في دار واحدة وينظر إلى كل دار مما ترك الميت ليست من المواضع سواء فتقسم على حدة فيأخذ كل واحد منهم حصته منها‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كانت الدار بين قوم شتى لأحدهم فيها الخمس والآخر فيها الربع والآخر السبع كيف تقسم هذه الدار في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ تقسم بينهم على سهم أقلهم نصيبا وكذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان قسمت على سهم أقلهم نصيبا أيعطى سهمه حيثما خرج أم يجعل سهمه في أحد الطرفين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في الرجل إذا ترك امرأته وعصبته أنه يضرب للمرأة في أحد الطرفين ويضم نصيب العصبة إلى شق واحد‏؟‏

قال‏:‏ مالك ولا يجمع نصيب اثنين في القسم وان أراد ذلك ولكن يقسم لكل واحد منهم نصيبه على حدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ترك الرجل أخته وأمه وامرأته كيف تقسم هذه الدار بينهم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تقسم على أقلهم سهما‏؟‏

قال‏:‏ ويجمع حق كل واحد منهم على حدة ولا يفرق‏؟‏

قال‏:‏ وتفسير هذا عندي أن الدار تقسم على أقلهم سهما أو الأرض إذا كانت أرضا فيضرب على أحد الطرفين فان تشاح الورثة وقال بعضهم اضرب على الطرف أولا وقال بعضهم بل اضرب على هذا الطرف أولا ضرب القاسم بالسهام على أي الطرفين يضرب عليه أولا فعلى أي الطرفين يخرج السهم فانه يضرب عليه أولا ويأخذ سهامهم فيضرب على هذا الطرف فأي سهم خرج من سهامهم أن كانت الأبنة أو الأخت أو المرأة أو الأم ضم إلى سهمها هذا بقية حقها حتى يكمله في موضعها ذلك‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ ثم تضرب أيضا سهام من بقي فان تشاحوا في الطرفين ضرب القاسم أيضا بالسهام على الطرفين فعلى أي الطرفين خرج السهم ضرب بسهامهم عليه فأيتهن خرج سهمها أكل لها بقية نصيبها من ذلك الموضع فإذا بقى منهن اثنتان وتشاحا على الطرفين لم ينظر إلى قول واحد منهما وضرب القاسم على أي الطرفين شاء لأنه يضرب على أحد الطرفين فقد ضرب لهما جميعا في الطرفين وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت السهام لا تعتدل في الحساب الا أن يرفعوا ذلك في الحساب فيصير سهم أحدهم لا يعتدل حتى يضعف إلى عشرة أسهم فإذا ضرب عليه بالسهام فخرج على أحد هذه العشرة ضمت التسعة إليه‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهذا رأيي‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا كانت الساحة واسعة فأرادوا أن يقسموها وفي حظ كل واحد منهم ما يرتفق به إذا قسمت بينهم وليس لهم مخرج ولا طريق الا من باب الدار فاشتجروا في الطريق فقال بعضهم اجعلها ثلاثة أذرع وقال بعضهم أكثر من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في هذا أنه يترك لهم طريقا قدر ما تدخل الحمولة وقدر ما يدخلون‏.‏

قلت‏:‏ ولا يترك لهم من الطريق قدر عرض باب الدار‏؟‏

قال‏:‏ لا أعرف هذا في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ هل يكون للجار أن يرفع بنيانه فيجاوز به بنيان جاره فيشرف عليه‏؟‏

قال‏:‏ له أن يرفع بنيانه الا أني سمعت مالكا يقول يمنع من الضرر‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا رفع بنيانه فسد على جاره كواه وأظلمت أبواب غرفه وكواها ومنعه الشمس أن تقع في حجرته‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك الا ما أخبرتك أنه يمنع من ضرر جاره ولا أرى أن يمنع هذا من البنيان‏.‏

ما جاء في اتخاذ الحمامات والافران والارحية

قلت‏:‏ أرأيت أن كانت لي عرصة إلى جانب دور قوم فأردت أن أحدث في تلك العرصة حماما أو فرنا أو موضعا لرحا فأبى علي الجيران ذلك أيكون لهم أن يمنعوني في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ أن كان ما يحدث ضررا على الجيران من الدخان وما أشبهه فلهم أن يمنعوك من ذلك لأن مالكا قال يمنع من ضرر جاره فإذا كان هذا ضررا منع من ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك أن كان حدادا فاتخذ فيها كيرا أو اتخذ فيها أفرانا يسيل فيها الذهب والفضة أو اتخذ فيها أرحية تضر بجدران الجيران أو حفر فيها آبارا أو اتخذ فيها كنيفا قرب جدران جيرانه منعته من ذلك‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك في غير واحد من هذا في الدخان وغيره‏.‏

قلت‏:‏ هل ترى التنور ضررا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى التنور خفيفا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت أن كانت دار الرجل إلى جنب دار قوم ففتح في غره كوى أو أبوابا يشرف منها على دور جيرانه أيمنعه مالك من ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك يمنع من ذلك في قسمة الدور والرقيق إذا كانت القيمة واحدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دورا ورقيقا بين رجلين فقوموا الرقيق فكانت قيمة الرقيق ألف دينار وقوموا الدور فكانت قيمة الدور أيضا ألف دينار فأرادا أن يجعلا الرقيق في ناحية والدور في ناحية على أن يستهما على الرقيق والدور‏؟‏

قال‏:‏ لا يجوز هذا‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن هذا من المخاطرة‏.‏

قلت‏:‏ كيف يكون هذا من المخاطرة وقيمة الرقيق ألف دينار وقيمة الدور ألف دينار‏؟‏

قال‏:‏ وان كانت القيمة سواء لأن هذين شيئآن مختلفان الدور غير الرقيق والرقيق غير الدور فانما تخاطرا على أن من خرج سهمه على الرقيق فلا شيء له من الدور فلا خير في هذا وانما ينبغي لهذا أن يقسموا الدور على حدة والرقيق على حدة‏.‏

قلت‏:‏ ولم كرهت هذا في الدور والرقيق وأنت تجيزه فيما هو مثل هذا الدار تكون بين الرجلين أو الداران تكونان بين الرجلين هما في الموضع والنفاق سواء عند الناس فقسمها القاسم على القيمة وكان في بنيان احدى الدارين ضعف بنيان الأخرى في القيمة لأن بنيانها قد رث وبنيان الأخرى أحسن وأطرى فقسمها القاسم على القيمة فجعل مكان البنيان المرتفع ضعفه من البنيان الرث أو قسم الدار الواحدة التي بينهما فكانت ناحية من الدار قد تقادم بنيانها ورث وناحية من الدار الأخرى جديدة البنيان فصار البنيان الذي تقادم في القسم ضعف البنيان الجديد فضرب على ذلك بالسهام فجوزه مالك وأنت تجيزه فما فرق ما بين هذا وما بين الرقيق والدور وهذا كل واحد منهما قد خاطر بالبنيان الجديد‏؟‏

قال‏:‏ ليس هذا مثل الدور والرقيق لأن الرقيق يقسم على حدة والدور على حدة وهذا إذا كانت الدور بحال ما وصفت لك من أن ناحية منها حسنة البنيان وناحية أخرى دون ذلك لم يكن للقاسم يد من أن يقسم على القيمة ويجعل حظ كل إنسان في موضع واحد ويسهم بينهم فان خرج سهمه في البنيان الجديد أخذه بقيمته وان خرج في غير الجديد كان ذلك له فلا بد من هذا وذلك في الرقيق والدور يقدر على أن يقسم الرقيق على حدة والدور على حدة وأما الدور والرقيق فذلك من المخاطرة ألا ترى أنه أن كان هواهما جميعا في الدور فجعلا الرقيق في ناحية والدور في ناحية على أن يستهما فكانهما قد تخاطرا فيما هواهما فيه‏.‏

قلت‏:‏ فان تراضى هذان في الدور والرقيق فأخذ واحد منهما الدور والآخر الرقيق‏؟‏

قال‏:‏ فذلك جائز إذا كان من غير قرعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن ورثا رقيقا ودنانير فجعلا الرقيق في ناحية والدنانير في ناحية على أن يستهما على ذلك وقيمة الرقيق مثل الدنانير سواء أيجوز ذلك أم لا‏؟‏ وكيف أن كانت دورا ودنانير فجعلا الدور في ناحية والدنانير في ناحية أو كانت دورا وثيابا وقيمة الحيوان مثل قيمة الثياب فجعلا الثياب في ناحية والحيوان في ناحية على أن يستهما ذلك وقيمة الحيوان وقيمة الثياب سواء‏؟‏

قال‏:‏ لا خير في ذلك كله لأن الصنفين إذا اختلفا دخله المخاطرة والغرر الا أن يقتسما ذلك بغير القرعة‏.‏

قلت‏:‏ فان كان صنفا واحدا جاز أن يقتسما ذلك بالقرعة إذا عدلا القسمين في القيمة‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

في الرجل يريد أن يفتح بابا في زقاق نافذ أو غير نافذ

قلت‏:‏ أرأيت لو أن زقاقا نافذا أو غير نافذ فيه دور لقوم شتى فأراد أحدهم أن يجعل لداره بابين يفتح ذلك في الزقاق أو أراد أن يحول باب داره إلى موضع من السكة فيمنعه أهل السكة أيكون ذلك لهم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس له أن يحدث بابا حذاء باب دار جاره أو قرب ذلك إذا كانت السكة غير نافذة لأن جاره يقول قد كان هذا الموضع من السكة الذي هو حيال بابي الذي تريد أن تفتح فيه بابا لدارك لي فيه مرفق أفتح بابي وأنا في سترة وأقرب حمولتي إلى باب داري فلا أوذي أحدا ولا أتركك تفتح حيال باب داري بابا أو قرب ذلك فتتخذ علي فيها المجالس وما أشبه هذا فان كان هذا ضررا فلا يجوز أن يحدث على جاره ما يضره به وان كانت السكة نافذة فله أن يفتح بابه حيث شاء ويحول بابه إلى أي موضع شاء‏.‏

قلت‏:‏ وإذا كانت السكة نافذة فهو قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو قوله‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك لو أن دارين أحداهما في جوف الأخرى الدار الداخلة لقوم شتى والخارجة لغيرهم الا أن لأهل الدار الداخلة الممر في هذه الدار الخارجة والطريق لهم فيها فقسم أهل الدار الداخلة دارهم بينهم فأراد كل واحد منهم بعد ما اقتسموا أن يفتح في حصته بابا إلى الدار الخارجة لأن لهم فيها الممر وقال صاحب الدار الخارجة لا أترككم تفتحون هذه الأبواب علي وانما لكم الممر من موضعكم الذي كان‏؟‏

قال‏:‏ له أن يمنعهم من ذلك ولا يكون لهم أن يحدثوا بابا في الدار الخارجة الا الباب الذي كان لهم قبل أن يقتسموا ‏(‏وقال‏)‏ مالك في حديث عمر بن الخطاب في الخليج الذي أمره في أرض الرجل بغير رضاه قال مالك ليس عليه العمل‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن دارا بين رجلين اقتسماها ولرجل في جنبهم دار لصيقه أحد النصيبين فاشترى هذا الرجل النصيب الذي هو ملاصقه ففتح بابا في هذا النصيب وأحدث الممر ممر داره في طريق هذا النصيب فأبى عليه صاحب النصيب الآخر ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في هذه المسألة بعينها ليس له أن يمنعه إذا كان إنما جعل في النصيب الذي اشترى ليرتفق بذلك هو ومن معه ممن سكن من ولده ويتوسع بالنصيب ويكون ممره فيه وإن كان انما أراد أن يجعلها سكة نافذة للناس يدخلون من باب داره فيخرجون إلى النصيب ويمرون في النصيب إلى مخرج النصيب حتى يتخذ ممرا شبه الممر في الزقاق فليس له ذلك وكذلك قال لي مالك حين سألته عنها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن أسكن معه غيره أو آجر الدار أيكون لهم أن يمروا في النصيب كما كان له‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏؟‏

قال‏:‏ وإنما رأيت من كراهية مالك أن يجعلها سكة نافذة فقط‏.‏

كتاب الوصايا

في الرجل يوصى بعتق عبد من عبيده فيموتون كلهم أو بعضهم

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى بعتق عبد من عبيده فمات عبيده كلهم ما قول مالك في ذلك هل تبطل وصيته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سألنا مالكا عن الرجل يوصي بعشرة من عبيده أن يعتقوا ولم يسمهم بأعيانهم وكان عدة عبيده خمسين عبدا فلم يقوموا وغفل الورثة عن ذلك حتى مات منهم عشرون‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم يسهم بينهم فإن خرج عدة ذلك أقل من عشرة أو أكثر من عشرة عتقوا ومن مات منهم قبل القسم قبل أن يقوموا لم يدخل على الباقين من العبيد منهم شيء ولم يكن للورثة فيهم قول وإنما يعتق منهم ممن بقي عشرة أجزاء من ثلاثين جزأ بالسهام ومن مات منهم قبل القسم فكأن الميت لم يتركه‏؟‏

قال‏:‏ ولا تسقط وصية العبيد لمكان الذين ماتوا‏.‏

قلت‏:‏ فإن أوصى بعتق عشرة أعبد من هؤلاء الخمسين فمات أربعون منهم وبقي عشرة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ان حملهم الثلث عتقوا‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي مالك إنما تصير الوصية لمن بقي منهم على حال ما وصفت لك ولو هلكوا كلهم إلا خمسة عشر عتق ثلثاهم ولو هلكوا كلهم إلا عشرين منهم عتق نصفهم في ثلث الميت قال مالك وكذلك الذي يوصي بعشرة من إبله في سبيل الله وله ابل كثيرة فذهب بعضها وبقي بعضها فإنه بحال ما وصفت لك يقسم بالسهام على حال ما وصفت لك وكذلك الرقيق إذا أوصى بها الرجل ثم هلك بعضها كانت بحال ما وصفت لك عند مالك تقسم بالسهام وإن لم يبق منها إلا مقدار الوصية وكان الثلث يحملها كان ذلك للموصى له عند مالك وأما مسألتك فإذا ماتوا كلهم فقد بطلت الوصية لأن مالكا قال من أوصى له بعبد فمات العبد فلا حق له في مال الميت وقال غيره لأن المال إنما ينظر إليه يوم ينظر في الثلث فما مات أو تلف قبل ذلك فكان الميت لم يتركه وكانه لم يكن أوصى فيه بشيء لأنه لا يقوم ميت ولا يقوم على ميت قال ذلك بن عباس ذكره سحنون عن بن نافع عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن عبد الجبار عن ربيعة أنه قال في الرجل يوصي للرجل بالشيء بعينه فيما يوصى من ثلثه فيهلك ذلك الشيء قال ليس للذي أوصى له به أن يحاص أهل الثلث بشيء وقد سقط حقه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس وأنس بن عياض وبن أبي ذئب وعمرو بن الحارث أن رجلا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق أعبدا له ستة عند موته ولم يكن له مال غيرهم فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم فأعتق ثلث تلك الرقيق‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن جرير بن حازم عن بن نبهان عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين وأبي قلابة الجرمي عن عمران بن الحصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله ‏(‏الليث بن سعد‏)‏ عن يحيى بن سعيد قال أدركت مولى لسعد بن بكر يدعى دهورا أعتق ثلث رقيق له هم قريب من العشرين فرفع أمرهم إلى أبان بن عثمان فقسمهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأخرج ثلثهم فأعتقهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد قال كان لرجل غلامان فأعتق أحدهما عند موته فلم يدر أيهما هو فأسهم أبان بن عثمان بينهما فطار السهم لأحدهما وغشى على الآخر‏.‏

في الرجل يوصي للرجل بثلث عبيده فيهلك بعضهم

قلت‏:‏ أرأيت إن قال ثلث عبيدي هؤلاء لفلان وله ثلاثة أعبد فهلك منهم إثنان وبقي واحد‏؟‏

قال‏:‏ ثلث الباقي للموصى له ولا يكون له جميع الباقي وإن كان ثلث الميت يحمله وإن كان هذا الباقي هو ثلث العبيد فإنه لا يكون للموصى له منه إلا ثلثه وهذا قول مالك وقد قال مالك في رجل قال ثلث رقيقي أحرار قال مالك يعتق ثلثهم بالسهم ولا يعتق من كل واحد منهم ثلثه‏.‏

فهذا يدلك على أنه شريك للورثة فيما بقي من العبيد فإن كان ما بقي من العبيد ينقسمون أخذ الموصى له ثلث العبيد ان أرادوا القسمة وإن كانوا لا ينقسمون فمن دعا إلى البيع منهم أجبر صاحبه على البيع بحال ما وصفت لك في البيوع إلا أن يأخذ الذي أبى البيع بما يعطى صاحبه‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم منهم مالك بن أنس ويونس بن يزيد عن بن شهاب حدثهم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه أخبره عن أبيه سعد أنه قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني من وجع اشتد بي قال جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع يعودني من وجع اشتد بي قال فقلت يا رسول الله قد بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثلثي مالي‏؟‏ قال لا قلت فالشطر يا رسول الله‏؟‏ قال لا قلت فالثلث والثلث كثير أنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس وأنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت فيها حتى ما تجعل في امرأتك قال فقلت يا رسول الله أأخلف بعد أصحابي قال إنك لن تخلف فتعمل عملا صالحا تبتغي به وجه الله إلا ازددت به درجة ورفعة ولك لن تخلف حتى ينتفع بك أقوام ويضربك آخرون اللهم أمض لاصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابهم لكن البائس سعد بن خوله يرثى له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مات بمكة قال يونس قال ابن شهاب فكان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة في الثلث لكل موصى بعده‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن موسى بن علي عن أبيه علي بن رباح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد سعدا في مرض مرضه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أوص فقال مالي كله لله قال ليس ذلك لك ولا لي قال فثلثاه‏؟‏ قال لا قال فنصفه‏؟‏ قال لا تخبين وارثك قال فثلثه قال الثلث والثلث كثير قال ثم دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم أذهب عنه الباس رب الناس اله الناس ملك الناس أنت الشافي لا شافي إلا أنت أرقيك من كل شيء يأتيك من حسد وعين اللهم أصح قلبه وجسمه واكشف سقمه وأجب دعوته قال سعد فسألني أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما من بعده عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوصية فحدثتهما بذلك فحملا الناس عليه في الوصية‏.‏

ابن وهب‏:‏ قال وسمعت طلحة بن عمرو المكي يقول سمعت عطاء بن أبي رباح يقول سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أعطاكم ثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم ‏(‏مسلمة بن علي‏)‏ عن زيد بن واقد عن مكحول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أعطاكم اثنتين لم تكونا لكم صلاة المؤمنين بعد موتكم وثلث أموالكم زيادة في أعمالكم عند موتكم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن رجال من أهل العلم منهم عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد وغيرهم أن نافعا حدثهم عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب سئل عن الوصية فقال عمر الثلث وسط من المال لا بخس ولا شطط‏.‏

في الرجل يوصي للرجل بثلث غنمه فيستحق بعضها

قلت‏:‏ أرأيت إن قال ثلث غنمي لفلان وله مائة شاة فاستحق رجل ثلثي الغنم وبقي ثلثها والثلث الباقي من الغنم يحمله الثلث الموصى به أيكون هذا الثلث الباقي من الغنم جميعه للموصى له‏؟‏

قال‏:‏ لا ويكون له ثلث ما بقي‏.‏

قلت‏:‏ ويجعل الضياع في الغنم من الورثة ومن الموصى له‏؟‏

قال‏:‏ نعم بمنزلة ما قال لي مالك في الميراث‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال جميع غنمي لفلان فهلك نصفها أو استحق نصفها أيكون جميع ما بقي لفلان إذا كان الثلث يحمل ما بقي منها‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا يكون إذا أوصى بثلث الغنم فذهب منها ثلثاها وبقي الثلث لم لا يكون الثلث الباقي للموصى له إذا حمل ذلك الثلث‏؟‏

قال‏:‏ لأنه إنما أوصى له بثلثها ولم يوص له بكله‏.‏

في الرجل يوصى للرجل بعشر شياه من غنمه فتهلك غنمه إلا عشر شياه

قلت‏:‏ فإن أوصى له بعشرة من هذه الغنم وهي مائة شاة فهلكت كلها إلا عشرة منها والثلث يحمل هذه العشرة‏؟‏

قال‏:‏ فله العشرة كلها عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت هذه العشرة تعدل نصف الغنم لأنها أفضل الغنم أيعطيه إياها إذا كان الثلث يحملها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يهلك من الغنم شيء كيف يعطيه العشرة‏؟‏

قال‏:‏ بالسهام يدخل في تلك العشرة ما دخل‏.‏

قلت‏:‏ فإذا سمى فقال عشرة من غنمي لفلان فهو خلاف ما إذا قال عشر هذه الغنم‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا سمى عشرة وهي مائة شاة فهلكت كلها إلا العشرة كانت العشرة كلها للموصى له وإذا أوصى بعشرها فهلكت كلها إلا عشرة لم يكن للموصى له إلا عشر ما بقي‏؟‏

قال‏:‏ وهو قول مالك‏.‏

في الرجل يوصى باشتراء رقبة تعتق عنه

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى رجل فقال اشتروا نسمة فأعتقوها عني فاشتروها أتكون حرة حين اشتروها أم لا‏؟‏ تكون حرة حتى تعتق‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أراه حرا حتى يعتق لأنه لو قتله رجل كانت قيمته قيمة عبد فهو ما لم يعتقوه عندي بمنزلة العبد في حدوده وخدمته وجميع حالاته‏.‏

قلت‏:‏ فإن مات كان عليهم أن يشتروا آخر إن وسع ثلث الميت‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى فقال اشتروا رقبة فأعتقوها عني وثلث ماله مائة دينار والورثة يجدون رقبة بخمسين دينارا ولم يسم الميت الثمن‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إنما ينظر في هذا إلى ما ترك الميت من المال فإن كان كثير المال نظر إلى قدر ما ترك وإن كان قليل المال نظر في ذلك فإنما ينظر في ذلك إلى ماله فيشتري له على قدر المال يجتهد له في ذلك بقدر ما يرى أن يشتري له في كثرة المال وقلته ليس من ترك مائة دينار في هذا بمنزلة من ترك ألف دينار‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى أن يعتق عنه نسمة بألف درهم والثلث لا يبلغ ذلك أيعتق عنه مبلغ الثلث في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان في ذلك قدر ما يشتري به رقبة وهو قول مالك بن أنس‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يكن فيها‏؟‏

قال‏:‏ يشرك بينه وبين آخر فإن لم يجدوا إلا أن يعينوا بها مكاتبا في آخر كتابته فعلوا وهذا قول مالك‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن محمد بن عمرو عن بن جريج عن الحسن أنه قال إذا أوصى رجل بمال يبتاع له به رقبة فلم يوجد له رقبة فليعن به في رقبة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى أن تشتري رقبة فتعتق عنه بألف درهم وذلك ثلثه فاشتراها الوصي فأعتقها عنه ثم لحق الميت دين كيف يصنع‏؟‏

قال‏:‏ إن لحق الميت دين يغترق جميع ماله رد العبد في الرق وإن لحقه دين لا يغترق جميع المال رد العبد وأعطى صاحب الدين دينه ثم يعتق من العبد مقدار ثلث ما بقي من مال الميت بعد الدين وهذا رأيي لأن مالكا‏؟‏ قال لا يضمن الوصي شيئا إذا لم يعلم بالدين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أعتقوا عني نسمة عن ظهار ولم يسم لهم الثمن‏؟‏

قال‏:‏ ينظر في ذلك كما وصفت لك في ناحية المال في قلته وكثرته فيعتق من المال نسمة على قدر ما يرى السلطان‏.‏

الرجل يوصي أن يشتري عبد فلان فيعتق أو يباع عبده ممن أحب أو من فلان

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى أن يشتري عبد فلان لفلان فمات الموصي فأبى سادات العبد أن يبيعوه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا أوصى أن يشتري عبد فلان فيعتقوه أو قال بيعوا عبدي من فلان رجل سماه أو قال بيعوا عبدي ممن أحب أن هؤلاء كلهم يزاد في ثمن الذي قال اشتروه فأعتقوه الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه من فلان الثلث ثلث ثمنه ويوضع من ثمن الذي قال بيعوه ممن أحب ثلث ثمنه وهذا إنما يوضع من ثمنه إذا لم يشتره الذي قال الميت بيعوه منه جميع ثمنه فأبى أن يأخذه بذلك والذي قال بيعوه ممن أحب كذلك أيضا إنما يوضع ثلث ثمنه إذا لم يشتره الذي أحب العبد بجميع الثمن فإنه يوضع عنه الثلث ثلث ثمنه وكذلك العبد الذي قال اشتروه فأعتقوه فإنما يزاد في ثمنه مثل ثلث ثمنه إذا قال سيده لا أبيعه بثمنه‏.‏

قلت ولا يزاد في هذا ولا يوضع عن هؤلاء الآخرين مبلغ ثلث مال الميت في قول مالك ‏(‏قال‏:‏ قال مالك لا‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ كذلك قال مالك مثل ما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ قإن أبى السيد سيد العبد الذي أمر الميت أن يشتري فيعتق عنه أن يبيعوه كيف يصنعون وكيف ان أبى هذا الذي قال بيعوا فلانا منه أن يشتريه أو أبى هذا الذي قال العبد بيعوني منه أن يشتريه بثلثى ثمنه كيف يصنعون‏؟‏

قال‏:‏ أما الذي قال اشتروه فأعتقوه فإنه يستأني بثمنه فإن أبوا أن يبيعوه رد ثمنه ميراثا بعد الاستيناء بذلك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روى بن وهب وغيره عن مالك أن المال يوقف ما كان يرجى أن يشترى هذا العبد الذي أمر الا أن يفوت بعتق أو موت وعليه أكثر الرواة وأما الذي قال بيعوه من فلان فإن قال فلان لست آخذه بهذا الثمن الا أن يضعوا أكثر من ثلث ثمنه فإن الورثة يخيرون بين أن يعطوه بما قال وبين أن يقطعوا له بثلث العبد بتلا وأما الذي قال بيعوه ممن أحب وليس من رجل بعينه فلم يجد العبد من يشتريه بثلثى ثمنه ممن أحب فإن الورثة يخيرون بين أن يبيعوه بما أعطوا وبين أن يعتقوا ثلثه‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روى أشهب عن مالك وغير واحد أن الورثة اذا بذلوه بوضيعة الثلث ولم يوجد من يشتريه الا بأقل ان ذلك ليس عليهم لانهم قد أنفذوا وصية الميت فليس عليهم أكثر من ذلك‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ قال مالك وهذا الامر عندنا وأما قوله اشتروا عبد فلان لفلان فأبى ساداته أن يبيعوه فانى لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى أن يزاد على ثمنه مثل ثلث ثمنه ان حمل ذلك الثلث فإن باعه لسيده أنفذت وصية الميت وان أبوا الا بزيادة أعطى الذي أمر أن يشتري له العبد قيمة العبد وزيادة ثلث ثمنه لأنه كان بما يشترى اذا لم يحب الورثة أن يزيدوا على ذلك شيئا وان أبى أصحابه أن يبيعوه بشيء ولم يكن من شأنهم أن يزيدوا فإن أبوا أن يبيعوه أصلا ضنا منهم بالعبد لم يكن للذي أوصى له به شيء من الوصية‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قال غيره من الرواة انه اذا زيد في الذي أمر أن يشترى لفلان مثل ثلث قيمته فلم يرد أهله أن يبيعوه الا بزيادة أو أبوا أصلا ضنا منهم بالعبد لم يكن للورثة أكثر من زيادة ثلث الثمن وليكن ثمنه موقوفا حتى يؤيس من العبد فإن أيس من العبد رجع الثمن ميراثا ولم يكن للذي أوصى الميت أن يشتري له قليل ولا كثير لأن الميت انما أوصي له برقبة ولم يوص له بمال‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وقال مالك في الرجل يقول في وصيته بيعوا عبدى ممن يعتقه فلا يجدون من يأخذه بوضيعة الثلث من ثمنه انه يقال للورثة اما أن تبيعوه بما وجدتم والا أعتقتم من العبد ثلثه وهذا مما لا يخلف فيه قول مالك‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد بينا هذا الاصل باختلاف الرواة قبل هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال بيعوا عبدي من فلان ولم يقل حطوا عنه ولم يذكر الحط‏؟‏

قال‏:‏ يحط عنه وان لم يذكر الحط عند مالك لأنه اذا لم يؤخذ بقيمته صارت وصيته بحال ما وصفت لك‏.‏

في الرجل يوصى بعتق عبده أو ببيعه ممن يعتقه فيأبى العبد

قلت‏:‏ أرأيت ان أوصى بعتق عبده في مرضه فيأبى العبد أن يقبل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ هذا حر اذا مات سيده من الثلث والا فما حمل منه الثلث‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل أوصى أن تباع جاريته ممن يعتقها فقالت الجارية لا أريد ذلك‏.‏

فقال‏:‏ ينظر في حالها فإن كانت من جوارى الوطء ممن يتخذ كان ذلك لها وان لم تكن منهن بيعت ممن يعتقها ولا ينظر في قولها‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد قيل لا ينظر إلى قول الجارية وتباع للعتق الا أن لا يوجد من يشتريها بوضيعة الثلث ان كان للميت مال يحمل الجارية‏.‏

في المريض يشتري ابنه في مرضه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اشترى ابنه في مرضه‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال ان كان الثلث يحمله جاز وعتق وورث بقية المال اذا كان وحده وان كان معه غيره أخذ حصته من الميراث‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع هذا من مالك وأخبرني به غير واحد‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان أعتق عبدا له واشترى ابنه فأعتقه وقيمته الثلث‏.‏

قال أرى‏:‏ الابن مبدأ إذا حمله الثلث ويكون وارثا لأن مالكا لما جعله وارثا إذا خرج من الثلث كان بمنزلة ما لو اشتراه صحيحا ‏(‏وسئل‏)‏ عن الرجل يوصى أن يشتري أبوه من بعد موته‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يشتري ويعتق من بعد موته في الثلث وإن لم يقل اشتروه فاعتقوه فهو حر إذا قال اشتروه‏.‏

في الوصية بالعتق

قلت‏:‏ أرأيت إن قال لعبده إن مت من مرضي هذا أو هلكت في سفري هذا فأنت حر أتجعل هذه وصية أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ هذه وصية عند مالك وله أن يغيرها فإن مات قبل أن يغيرها جازت في ثلثه ان مات في سفره أو مات في مرضه‏.‏

قلت‏:‏ فإن برأ من مرضه أو قدم من سفره فلم يغير ما كان قال في عبده ذلك حتى مات أيعتق أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يعتق إلا أن يكون كتب ذلك في قرطاس فوضعه وأقره بعد صحته أو بعد قدومه من سفره على حاله وقد كان وضعه على يد رجل وأقره على تلك الحال فهذه وصية تنفذ في ثلثه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال ان مت في سفري هذا أو من مرضي هذا فعبدي حر فأراد أن يبيعه‏؟‏

قال‏:‏ نعم يبيعه ولا يكون هذا تدبيرا عند مالك قال سحنون قال مالك الأمر المجتمع عليه عندنا أن الموصي إذا أوصى في صحته أو في مرضه بوصية فيها عتاقة رقيق من رقيقه فإنه يغير في ذلك ما بدا له ويصنع في ذلك ما شاء حتى يموت وإن أحب أن يطرح تلك الوصية ويبدل غيرها فعل وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده مكتوبة‏؟‏

قال‏:‏ وإن كان الموصى لا يقدر على تغيير وصيته وما ذكر فيها من العتق كان كل موص قد حبس ماله الذي أوصى فيه من العتاقة وغيرها وقد يوصى الرجل في صحته وعند سفره‏.‏

قال ابن وهب‏:‏ وبلغني عن عبد الرحمن بن القاسم وأبي بكر بن حزم ويحيى بن سعيد وبن قسيط وعبد الله بن يزيد بن هرمز من ان الموصى مخير في وصيته يمحو ما يشاء ويثبت منها ما يشاء ما عاش قال ابن قسيط ويحيى بن سعيد هذا الذي عليه قضاء الناس‏.‏

بن وهب عن الخليل بن مرة عن قتادة عن عمر وبن شعيب عن الحارث بن ربيعة عن عمر بن الخطاب قال ملاك الوصية اخراجها ‏(‏ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد عن بن شهاب أنه قال من أوصى بوصية إن حدث به حدث من وجعه ثم صح فبدا له أن يعود في وصيته عاد فيها إذا استثنى إن حدث به حدث الموت وإن أبت ذلك فقد أبته وإن قال المريض بعد أن صح إنما أردت إن حدث بي حدث أعتقهم فأنا أرى أن يدين قال يونس بن يزيد وقال ربيعة ان استثني أو لم يستثن فهو يقال ما فعل وينزع إذا شاء وإذا صح ترك كل ما قال ولم يؤخذ به فهو حسيب نفسه وقال ربيعة ان الموصى لا يوصي في ماله إنما ولي شيء نفسه فهو يتخير في موضعه فلا يؤخذ فيه بزلته ولا ما سبق منه فالموصى ينزع ويحدث في العتاقة وغيرها وإن مع العتاقة أشباهها الرجل يعطي الرجل عند الموت إن حدث به حدث الموت المال فينزل بمنزلة الصدقة ثم ينقله إلى غيره أو يصرف عنه بعضه فيكون ذلك بمنزلة العتاقة ولو كانت العتاقة تلزم لزمت الصدقة فصاحب الوصية ينتقل في العتاقة وغيرها ‏(‏يحيى بن أيوب‏)‏ عن عمرو بن الحارث عن أبي الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يؤخذ من المعاهد آخر أمره إذا كان يعقل ‏(‏الحارث بن نبهان‏)‏ عن أيوب السختياني عن بن سيرين عن أنس بن مالك أنه كان يشترط في وصيته إن حدث بي حدث الموت قبل أن أغير وصيتي هذه قال يحيى بن أيوب وأخبرني نافع مولى بن عمر أن بن عمر كان يشترط في وصيته ان حدث بي حدث قبل أن أغير كتابي ‏(‏رجال‏)‏ من أهل العلم عن بن شهاب وربيعة بن أبي عبد الرحمن وعطاء وغيرهم من أهل العلم إنهم كانوا يقولون يعاد في كل وصية ‏(‏عمرو بن الحارث والليث بن سعد‏)‏ عن يحيى بن سعيد ان أبا الزبير المكي أخبره أن أبا عمرو بن دينار أعتق في وصية له غلامين له ثم بدا له فأعتق غيرهما فرفع ذلك إلى عبد الملك بن مروان فأجاز له ما صنع وقال إنما هو مخير حتى يفرغ من وصيته ‏(‏أخبرني‏)‏ بن وهب عن رجال من أهل العلم عن عطاء بن أبي رباح وطاوس ومجاهد وربيعة وأبي الزناد وبن شهاب أنهم كانوا يقولون الآخرة حق من الأولى وإن الموصى مخير في وصيته يمحو منها ما يشاء ويثبت منها ما يشاء ما عاش‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في رجل أوصى في وصيته فقال ان مت فكل مملوك لي مسلم فهو حر وله عبيد مسلمون ونصارى فأسلم قبل أن يموت بعض رقيقة ثم يموت قال مالك لا يعتق منهم إلا من كان منهم مسلما يوم أوصى لأني لا أراه أراد غيرهم‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس عن بن شهاب أنه قال في رجل قال كل مملوك لي مسلم حران حدث بي حدث الموت فلما كتب الكتاب أسلم بعض رقيقه قبل أن يموت قال نرى ذلك انتهى إلى الذين كانوا مسلمين يوم قال ذلك القول قال يونس بن يزيد وقال نافع مولى بن عمر مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا أوصى بعتق عبده من بعد موته أو قال هو حر بعد موتي أو قال أعتقوه بعد موتي بشهر ثم مات سيده أيكون هذا الكلام قوله أعتقوه وقوله هو حر بعد موتي بشهر سواء‏؟‏

قال‏:‏ نعم وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن أوصى فقال هو حر بعد موتي بشهر فمات السيد والثلث لا يحمله‏؟‏

قال‏:‏ يقال للورثة أجيزوا الوصية وإلا فأعتقوا منه الثلث بتلا‏.‏

قلت‏:‏ فإن أجاز الورثة الوصية‏؟‏

قال‏:‏ إن أخذ منهم تمام الشهر خرج بجميعه حرا وهذا قول مالك‏.‏

التشهد في الوصية

قلت‏:‏ أرأيت إن أراد أن يكتب وصيته هل سمعت من مالك أنه يقول يشهد في الكتاب فيكتب ذلك قبل الوصية‏؟‏

قال‏:‏ نعم سمعته يقول يشهد في الكتاب فيكتب إذا أراد أن يكتب الوصية‏.‏

قلت‏:‏ فهل ذكر لكم هذا التشهد كيف هو‏؟‏

قال‏:‏ لم يذكره لنا‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن أشهل بن حاتم عن عبد الله بن عون في وصية محمد بن سيرين قال هذا ذكر ما أوصى به محمد بن أبي عمرة بنيه وأهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون ولا ترغبوا أن تكونوا اخوانا للأنصار ومواليهم فإن العفة والصدق خير وأبقى وأكرم من الرياء والكذب ثم أوصى مما ترك إن حدث به حدث الموت قبل أن تغير وصيته هذه فذكر حاجته قال ابن عون فذكرناه لنافع مولى بن عمر فقال كانت أم المؤمنين توصي بهذا ‏(‏وسمعت‏)‏ من يحدث عن أنس بن مالك قال كانوا يوصون أنه يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ربهم ويصلحوا ذات بينهم ان كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني ان الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون وأوصى ان مات من مرضه هذا‏.‏